السلام عليكم اليوم سوف اعرفكم عن :
أحمد بن ماجد.. الملّاحُ العُماني الذي اعترفت الدوائر العلمية في العالم بفضله
عُرف بأنه من أشهر الملاحين في المحيط الهندي، ومن علماء فن الملاحة وتاريخه عند العرب، واخترع الإبرة المغناطيسية (البوصلة) المستعملة في تحديد اتجاهات الرحلات البحرية، وانتشرت مؤلفاته في المكتبات الأوروبية، وتُرجمت إلى عدة لغات، وبُنيت عليها أساليب الملاحة الأوروبية الحديثة.
ترك آثاراً علمية عديدة في علوم البحار جاوزت 40 كتاباً ومنظومة، أهمها الأرجوزة التائية والأرجوزة السٌّفالية والأرجوزة المُعلقية التي طبعت سنة 1377 (1957) ضمن كتاب ” ثلاث راهمانجات مجهولة) ( راه مانجات: لفظة فارسية تعني مُرشدات بحرية )؛ نشرها وحققها ووضع فهارسها وترجمها إلى الروسية المستشرق شوموفسكي اعتماداً على النسخة المخطوطة الموجودة بمعهد الدراسات الشرقية في بطرسبرج بروسيا، ثم ترجمت إلى العربية بعنوان ” ثلاث أزهار في معرفة البحار ” . وله أيضا أرجوزة ” تصنيف قبلة الإسلام في جميع الدنيا ” ضبط فيها جهة القبلة في جميع بقاع العالم ، وأرجوزة ” حاوية الاختصار في أصول علم البحار “، وهي أطول أراجيزه، و” قصيدة الخيل” أو ” النونية الكبرى ” ، وتوجد نسخة مخطوطة منها بوزارة التراث والثقافة.
من أشهر مؤلفاته أيضا كتاب ” الفوائد في أصول علم البحر والقواعد “، ضمنه فوائد جامعة في علم البحر والإرشاد الملاحي، وصنفه سنة 895 هـ (1480م) في أواخر عمره، معتمدا على خبرته البحرية التي جاوزت 50 سنة، وتوجد من الكتاب مخطوطات عدة في فرنسا وسوريا والبحرين والكويت، وقد نشره مترجما إلى الفرنسية المستشرق الفرنسي غبريال فران (ت 1935 م) بين سنتي 1921 و 1925 ، ثم ترجمه إلى الإنجليزية سنة 1970م والمستشرق الإنجليزي جيرالد تبتس ونشر بالعربية، عدة مرات.
ويُعد أحمد بن ماجد من كبار الملاحين في القرن الـ15 الميلادي، وخبير في البحار الشرقية وشواطئها، بخاصة المحيط الهندي وبحر القلزم (البحر الأحمر). هو مُنظِّر علم الملاحة العربي، وقد سبق الأوروبيين في تعرفهم الى بحر الهند، وهو واضع نظريات جددت رؤية الجغرافيين القدامى إلى هذا المحيط وعللّت هبوب رياحه الموسمية، ووصفت الرياح المحلية والمد والجزر في الخليج العربي والبحر الأحمر وبحر العرب، كما أنه مبتكر المصطلحات العربية في شتى العلوم والفنون التي تعتمد عليها ملاحته.
تم اكتشاف أعمال بن ماجد في القرن العشرين، بفضل المستشرقين، ومنهم الفرنسي ليوبولد دي سوسور، وتعد شخصية دي سوسور مهمة للغاية في معرفة الكثير عن علم ملاحة أحمد ابن ماجد، فبحكم عمله في البحرية، وضلوعه في الملاحة الفلكية الخاصة بالمرشدات البحرية العربية، صار أحد الأعلام الذين يرجع إليهم في دراسة شخصية أحمد بن ماجد.
نشرَ دي سوسور أبحاثاً كثيرة عن الملاحة، منها «أصل الرياح واختراع البوصلة» وهو البحث المنشور في محفوظات العلوم الفزيائية والطبيعية، المجلد الخامس، جنيف 1923م والذي أعيد نشره في المرشدات الملاحية العربية والبرتغالية، المجلد الثالث ص 30- 127. وكذلك بحث «تعليق على مرشدات ابن ماجد وسليمان المهري الملاحية»، المنشور في المرشدات الملاحية العربية والبرتغالية، المجلد الثالث، 129- 175.
وتواصلت الاكتشافات العلمية بالعثور على مخطوطات لابن ماجد في خزائن معهد الاستشراق فى بتروغوا (لينينغراد – بـــطرسبرغ ) والذي اكتـــشفها هو كراتشكوفسكي واختار لتحقيقها تلميذه ثيودور شوموفسكي الذي صار بعد ذلك من أشهر المستعربين، وله اليد الطولى في دراسة المخطوطات وتصنيفها وترجمتها إلى اللغة الروسية ووضع سلسلة من الكتب التي جعلت المثقفين الروس يطلعون على شخصية ابن ماجد ودور العرب الفذ في تطوير الملاحة وجغرافيا البحار. كرّس شوموفسكي لابن ماجد أطروحة الدكتوراه التي بدأ كتابتها في الأول من أيار (مايو) 1947 وأنجزها في 25 حزيران (يونيو) 1948 في جامعة لينينغراد.
يتضح مما تقدم أن لعلم الملاحة العربي آثاراً واضحة في ما عرفه الأوروبيون في علم الملاحة، حيث كانت بوابة هذه المعرفة هي اللغة البرتغالية بعد احتكاك البرتغاليين بالعرب، وبعد ترجمة بعض الأعمال العربية.
ويرجع الفضل إلى أبن ماجد في تثبيت الإبرة المغناطيسية فوق سن من الوسط يتحرك حركة حرة فوق قرص الرياح وهو الاختراع الذي ظل حتى اليوم يعرف بالبوصلة البحرية، واعترفت الدوائر العلمية في العالم أجمع بفضل أحمد بن ماجد فأقامت حكومة البرتغال نصباً تذكارياً له في مدينة ماليندي تخليداً لذكراه، واعترافاً بفضله على الملاحة العالمية وعلوم البحار.
لمصادر:
1-الموسوعة العمانية/ المجلد الأول / ص 111
2- محمد عبدالفتاح السروري/ مقال بعنوان «أسد البحار» العماني أحمد بن ماجد في دراسات المستشرقين” في 16 يونيو 2017 / صحيفة الحياة السعودية
3-موقع المخترعون العرب/ مقال بعنوان ” ابن ماجد : مكتشف أعالي البحر ”